لكن الصراعات لم تعد مناطقية أو أيديولوجية بل حول المواقع وعوائد النفط والنظام السياسي حيث يمثل الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني اكبر قوتين سياسيتين في اقليم كردستان، تأسس الاول عام 1946 والثاني عام 1976 وهما يتمتعان الان بالقوة ومناطق نفوذ خاصة بهما في اقليم كردستان وكانت تسمى في التسعينيات بالزون الاصفر ويقصدون به نفوذ البارتي والزون الاخضر اشارة الى مناطق نفوذ اليكييتي.

وقاد كل منهما ثورة ضد الحكومات العراقية المتعاقبة الى ان شاركا في ربيع عام 1991 في الانتفاضة التي قامت في كردستان ضد النظام العراقي السابق وسيطرا على عدة مناطق، ومنذ ذلك الحين وهما يديران الحكم في اقليم كردستان معاً.
وبعد الانتفاضة كان الحزبان في صراع مستمر للسيطرة على حكم إقليم كردستان حتى وصل الأمر بينهما الى حد خوض حرب اهلية وتقسيم الاقليم الى إدارتين (إدارتا أربيل والسليمانية) دام أعوام عدة وانتهى بتوقيع اتفاق استراتيجي بينهما عام 2005 ما أدى الى إنهاء الصراع وتوحيد الادارتين كما نص الاتفاق على توزيع المناصب في حكومة الاقليم وحكومة بغداد بينهما الا ان الاتفاق ألغي بعد انتخابات الحادي والعشرين من أيلول عام 2013 بشكل غير معلن.

وأدت نتائج الانتخابات 2014الى حصول الحزب الديمقراطي الكردستاني على38 مقعدا في المرتبة الاولى وحصول حركة التغيير على 24 مقعدا في المرتبة الثانية وحصول الاتحاد الوطني على 18 مقعدا في المرتبة الثالثة ومثّل ذلك بداية تغيير في الخارطة السياسية في اقليم كردستان من حيث عدد أصوات القوى السياسية.

ويقول المحلل والباحث السياسي الكردي محمود سورجي لـ"الغد برس"، ان "الخارطة السياسية في هذه الانتخابات لن تتغير كثيرا عن 2014 مع وجود قوى واحزاب ناشئة في الساحة السياسية الكردية".

وبين ان "هذه الانتخابات ونتائجها لها تأثيرات كبيرة على الوضع السياسي في الاقليم"، عازيا ذلك الى انها "اتت بعد فترة وجيزة من دحر تنظيم داعش لذلك تحاول كل القوى المشاركة في الانتخابات استثمار النصر على التنظيم لماكنتها السياسية والاعلامية".

واوضح سورجي ان "حظوظ الاكراد في المناطق المتنازع عليها ليست بكثيرة وليست بقليلة "، مشيرا الى ان "قوائم النصر والفتح ستحصل على اصوات في مناطق سهل نينوى وزمار"، معللا ذلك الى "عدم وجود قيادات ووجوه كردية بارزة في القوائم المشاركة في المناطق المتنازع عليها".

اما بخصوص الانتخابات داخل مدن الاقليم، قال ان "جذور النضال الموجودة في الاحزاب الرئيسية كالاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني وتسويقها من قبل دوائرهم الاعلامية ووجود اجيال تؤمن بنضال هذين الحزبيين ستنعكس بشكل كبير على حصد الاصوات والتي ستؤثر على الخارطة السياسية في الاقليم بشكل كبير".

واشار الى ان "من الشخصيات التي ستكون لها حظوظ في هذه الانتخابات هو برهم صالح والذي من المحتمل ان يدخل في ائتلاف مع احد الاحزاب الكبيرة والتي يمكنه من الحصول على منصب سيادي".

واوضح الكاتب والصحفي عدالت عبدالله، لـ"الغد برس"، ان "التغيير في الاصوات سيكون تغير نسبي ولن تختلف عن الانتخابات السابقة حيث سيحصل البارتي من 21الى 22 مقعد واليكيتي على 15الي 16 مقعد بشكل عام في الاقليم والمناطق المتنازع عليها".

في السليمانية حركة التغير في المرتبة الاولى ومن ثم اليكييتي والاتحاد الاسلامي والجماعة الاسلامية وتحالف برهم صالح ومن ثم الجيل الجديد.

وفي اربيل البارتي ومن ثم اليكيتي وحركة التغير وفي دهوك البارتي والاتحاد الاسلامي ومن ثم اليكييتي في نينوى البارتي ومن ثم اليكيتي وفي كركوك اليكيتي وتحالف برهم صالح والاتحاد الاسلامي ويمكن حصول الكرد على مقعد اخر من خلال احد الاحزاب التركمانية المدعومة من البارتي وفي ديالى البارتي يحصل على مقعد واحد واليكييتي على مقعدين وفي صلاح الدين مرشح اليكيتي شلال عبدول سيحصل على مقعد.

وقال ان "حصول برهم صالح على منصب سيادي مرهون باتفاقات سياسية وحكومة بغداد اذا تشكلت ستتعامل مع الاحزاب الكردية التي ستحصل على اكبر من المقاعد اي البارتي واليكييتي".

واكد الباحث في الشأن السياسي احمد هركي على ان "هذه الانتخابات لن تتغير فيها الخارطة السياسية بنسبة كبيرة يمكن ان تؤثر على ميزان القوى في اقليم كردستان"، مشيرا الى ان "انتخابات برلمان كردستان تختلف كثيرا عن انتخابات مجلس النواب العراقي"، وعلل ذلك ان "الاول نتائجه مهمة جدا لكل الكتل السياسية في الاقليم لانها تحدد شكل الحكومة والنظام السياسي فيها لذلك الصراع يكون قويا بالمقارنة مع انتخابات مجلس النواب".

واشار الى ان "الاحزاب الكبيرة كالبارتي واليكيتي ستحافظ على صدارة الاصوات مع تغيير طفيف ربما لن تؤثر كثيرا"، حيث ان اليكيتي ربما سيحافظ على مقاعده في السليمانية والتي حصلت في انتخابات 2014 على 6 مقاعد وحركة التغير على 8 مقاعد اما الاحزاب الاخرى كالاتحاد الاسلامي والجماعة الاسلامية يمكنها ان تحصل على مقاعدها مع تغيير طفيف اما الاحزاب الجديدة كتيار برهم صالح وحراك الجيل الجديد فأنهم سيحصلون على المقاعد التي ستفقدها الاحزاب الاخرى مجتمعة نتيجة سخط بعض الناخبين بسبب ما مر به الاقليم خلال السنوات الثلاثة الماضية ".

واضاف هركي ان "هذه المعادلة تنطبق ايضا على كل من اربيل ودهوك اما في المناطق المتنازع عليها في سهل نينوى البارتي سيكون له الغلبة بين الاحزاب الكردية وسيحصل على مقاعده مع فرق مقعد واحد من انتخابات 2014 واليكيتي سيحصل على مقعدين او ثلاثة مقاعد مقارنة مع انتخابات 2014 واليكيتي سيحصل في كركوك من 5 الى 6 مقاعد وتحالف وطن على مقعد اومقعدين اما في ديالى اليكييتي سيحصل على مقعدين".

وبين انه "لايمكن توقع نشوء قوى جديدة في كردستان في هذه الانتخابات كما حصل في 2009 عندما ظهرت حركة التغيير وبين ان هذه القوى الجديدة لن تستطيع اكتساح الاصوات في كردستان ولن تغير من الخارطة السياسية الحالية".

واوضح ان "برهم صالح ربما سيشكل ائتلاف مع قائمة حيدر العبادي وفي هذه الحالة من الممكن حصوله على منصب رئيس الجمهورية او منصب سيادي اخر"، لافتا الى ان "القوى الدولية والاقليمية لها دور كبير في رسم الخارطة السياسية في العراق لان حسب قوله ليس هناك قرار عراقي مركزي مستقل وان العراق تحت تأثير سياسات المحاور في المنطقة"، مضيفا ان "اختيار رئيس الوزراء تخضع للتوازنات الدولية والاقليمية بشكل كبير".