منتدى شبكتي
اهلا وسهلا بمنتدى شبكتي
يسعدنا بأنضمامكم الى منتدى
لنستفد من معلمواتكم و تستفيدون منا.


منتدى شبكتي
اهلا وسهلا بمنتدى شبكتي
يسعدنا بأنضمامكم الى منتدى
لنستفد من معلمواتكم و تستفيدون منا.

منتدى شبكتي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى شبكتي دخول

منتدى شبكة ~ يهتم بجميع المواضيع الأجتماعية و السياسية و الى الأخره


descriptionقل÷جواهر الضمائر فى كتاب الله

more_horiz
الجوهرة العشرون بعد الاربعمائة

وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ }

قال ابن الجوزى فى زاد المسير

وجَعَلوا بينه وبين الجِنَّة نَسَباً } فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: أنهم قالوا: هو وإِبليس أخَوان، رواه العوفي عن ابن عباس؛ قال الماوردي: وهو قول الزنادقة والذين يقولون: الخير مِنَ الله، والشَّرُّ من إِبليس.

والثاني: أن كفار قريش قالوا: الملائكة بنات الله، والجِنَّة صِنف من الملائكة. يقال لهم: الجِنَّة، قاله مجاهد.

والثالث: أن اليهود قالت: إِن الله تعالى تزوّج إِلى الجن فخرجت من بينهم الملائكة، قاله قتادة، وابن السائب.

فخرج في معنى الجِنَّة قولان:

أحدهما: أنهم الملائكة.

والثاني: الجن.

فعلى الأول، يكون معنى قوله: { ولقد عَلِمَتِ الجِنَّةُ } أي: عَلِمَت الملائكةُ { إَنهم } أي: إِن هؤلاء المشركين { لَمُحْضَرُونَ } النّار.

وعلى الثاني: [ { ولقد عَلِمت الجِنَّةُ] إنهم } أي: إِن الجن أنفسها " لَمُحْضَرونَ " الحساب.

الجوهرة الواحدة والعشرون بعد الاربعمائة

فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } * { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } * { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ }


قال ابو حيان فى بحره المحيط:

والظاهر أن الواو في { وما تعبدون } للعطف، عطفت ما تعبدون على الضمير في إنكم، وأن الضمير في عليه عائد على ما، والمعنى: قل لهم يا محمد: وما تعبدون من الأصنام ما أنتم وهم، وغلب الخطاب. كما تقول: أنت وزيد تخرجان عليه، أي على عبادة معبودكم. { بفاتنين }: أي بحاملين بالفتنة عبادة، إلا من قدر الله في سابق علمه أنه من أهل النار. والضمير في { عليه } عائد على ما على حذف مضاف، كما قلنا، أي على عبادته. وضمن فاتنين معنى: حاملين بالفتنة، ومن مفعولة بفاتنين، فرغ له العامل إذ لم يكن بفاتنين مفعولاً. وقيل: عليه بمعنى: أي ما أنتم بالذي تعبدون بفاتنين، وبه متعلق بفاتنين، المعنى: ما أنتم فاتنين بذلك الذي عبدتموه إلا من سبق عليه القدر أنه يدخل النار. وجعل الزمخشري الضمير في عليه عائداً على الله، قال فإن قلت: كيف يفتنونهم على الله؟ قلت: يفسدونهم عليه بإغوائهم واستهوائهم من قولك: فتن فلان على فلان امرأته، كما تقول: أفسدها عليه وخيبها عليه.

الجوهرة الثانية والعشرون بعد الاربعمائة

وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } * { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ }

قال ابن الجوزى فى زاد مسيره

{ كُلَّ له } في هاء الكناية قولان:

أحدهما: أنها ترجع إِلى داوُد، أي: كُلٌّ لداود { أَوَّابٌ } أي: رَجّاعٌ إِلى طاعته وأَمْره، والمعنى: كُلٌّ له مُطِيع بالتسبيح معه، هذا قول الجمهور.

والثاني: [أنها] ترجع إلى الله تعالى، فالمعنى: كُلٌّ مسبِّحٌ لله، قاله السدي.

الجوهرة الثالثة والعشرون بعد الاربعمائة

{ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإِ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ }

قال القرطبي

قوله تعالى: { مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِظ±لْمَـَلإِ ظ±لأَعْلَىظ° إِذْ يَخْتَصِمُونَ } الملأ الأعلى هم الملائكة في قول ابن عباس والسّدي اختصموا في أمر آدم حين خلق فـ
{ قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا }
[البقرة: 30] وقال إبليس: { أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ } وفي هذا بيان أن محمداً صلى الله عليه وسلم أخبر عن قصة آدم وغيره، وذلك لا يتصور إلا بتأييد إلظ°هي؛ فقد قامت المعجزة على صدقه، فما بالهم أعرضوا عن تدبر القرآن ليعرفوا صدقه؛ ولهذا وصل قوله بقوله: { قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ }. وقول ثان رواه أبو الأشهب عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سألني ربي فقال يا محمد فِيم اختصم الملأ الأعلى قلت في الكفارات والدرجات قال وما الكفارات قلت المشي على الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في السَّبْرَات والتعقيب في المساجد بانتظار الصلاة بعد الصلاة قال وما الدرجات قلت إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام " خرجه الترمذي بمعناه عن ابن عباس، وقال فيه حديث غريب. وعن معاذ بن جبل أيضاً وقال حديث حسن صحيح. وقد كتبناه بكماله في كتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى، وأوضحنا إشكاله والحمد لله. وقد مضى في «يس» القول في المشي إلى المساجد، وأن الخُطَا تكفّر السيئات، وترفع الدرجات.*

وقيل: الملأ الأعلى الملائكة والضمير في «يَخْتَصِمُونَ» لفرقتين. يعني قول من قال منهم الملائكة بنات الله، (ومن قال آلهة تعبد). وقيل: الملأ الأعلى هاهنا قريش؛ يعني اختصامهم فيما بينهم سِرًّا، فأطلع الله نبيه على ذلك

وقال ابن عاشور فى التحرير

والمراد بالنبأ: خبر الحشر وما أُعد فيه للمتقين من حسن مآب، وللطاغين من شر مآب، ومن سوء صحبة بعضهم لبعض، وتراشقهم بالتأنيب والخصام بينهم وهم في العذاب، وترددهم في سبب أن لم يجدوا معهم المؤمنين الذين كانوا يَعدّونهم من الأشرار. ووصف النبأ بــــ { عَظِيمٌ } تهويل على نحو قوله تعالى:
{ عمَّ يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون }
[النبأ: 1ـــ3]. وعظمة هذا النبأ بين الأنباء من نوعه من أنباء الشر مثل قوله:
{ فساد كبير }
[الأنفال: 73]، فتم الكلام عند قوله تعالى: { أنتم عنه معرضون }.

فتكون جملة { ما كانَ لي مِن علم بالملأ الأعلى } إلى قوله: { نَذِيرٌ مبينٌ } استئنافاً للاستدلال على صدق النبأ بأنه وحي من الله ولولا أنه وحي لما كان للرسول صلى الله عليه وسلم قِبَل بمعرفة هذه الأحوال على حد قوله تعالى:
{ وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون }
[آل عمران: 44]، ونظائر هذا الاستدلال كثيرة في القرآن.

وتكون جملة
{ إذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً }
[ ص: 71] إلى آخره استئنافاً ابتدائياً.

وعلى هذا فضمير { يختصمون } عائد إلى أهل النار من قوله:
{ تخاصُمُ أهلِ النارِ }
[ص: 64] إذ لا تخاصم بين أهل الملأ الأعلى. والمعنى: ما كان لي من علم بعالَم الغيب وما يجري فيه من الإِخبار بما سيكون إذ يَختصم أهل النار في النار يوم القيامة.....

الجوهرة الرابعة والعشرون بعد الاربعمائة

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الحَمْدُ للَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }


قال السمين فى دره

قوله: " مَثَلاً " منصوبٌ على التمييزِ المنقولِ من الفاعليةِ إذ الأصلُ: هل يَسْتَوي مَثَلُهما. وأُفْرد التمييزُ لأنه مقتصرٌ عليه أولاً في قولِه: { ضَرَبَ ظ±للَّهُ مَثَلاً }. وقرِئَ " مِثْلَيْن " فطابَقَ حالَيْ الرجلين. وقال الزمخشري - فيمَنْ قرأ مِثْلين -: " إنَّ الضميرَ في " يَسْتَويان " للمِثْلين؛ لأنَّ التقديرَ: مِثْلَ رجلٍ، ومثلَ رجلٍ.

والمعنى: هل يَسْتويان فيما يَرْجِعُ إلى الوصفيَّة كما تقول: كفى بهما رجلين ".

قال الشيخ: " والظاهرُ أنه يعود الضميرُ في " يَسْتَويان " على " رَجُلَيْن ". وأمَّا إذا جَعَلْتَه/ عائداً إلى المِثْلَيْنِ اللذيْن ذَكَرَ أنَّ التقديرَ: مِثْلَ رجلٍ ومِثْلَ رجلٍ؛ فإنَّ التمييزَ يكون إذ ذاك قد فُهِمَ من المميَّز الذي هو الضميرُ؛ إذ يصيرُ التقدير: هل يَسْتوي المِثْلان مِثْلين ". قلت: هذا لا يَضُرُّ؛ إذ التقديرُ: هل يَسْتوي المِثْلان مِثْلَيْن في الوصفيةِ فالمِثْلان الأوَّلان مَعْهودان، والثانيان جنسان مُبْهمان كما تقول: كَفَى بهما رجلَيْن؛ فإنَّ الضميرَ في " بهما " عائدٌ على ما يُراد بالرجلين فلا فَرْقَ بين المسألتين. فما كان جواباً عن " كفَى بهما رجلين " يكونُ جواباً له



الجوهرة الخامسة والعشرون بعد الاربعمائة

{ وَتَرَى الْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالحَقِّ وَقِيلَ احَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اللْعَالَمِينَ }

قال السمين في دره

والضميرُ في " بينهم " إمَّا للملائكةِ، وإمَّا للعبادِ

الجوهرة السادسة والعشرون بعد الاربعمائة

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ اللْفَسَادَ }

قال السمين فى دره

وقرأ نافعٌ وأبو عمروٍ وحفصٌ " يُظْهِرَ " بضم الياءِ وكسرِ الهاء مِنْ أَظْهر، وفاعلُه ضميرُ موسى عليه السلام، " الفسادَ " نصباً على المفعول به. والباقون بفتح الياء والهاء مِنْ ظهر، " الفسادُ " رفعاً بالفاعلية وزيدُ بن علي " يُظْهَرَ " مبنياً للمفعول، " الفسادُ " مرفوعٌ لقيامِه مقامَ الفاعل. ومجاهد " يَظَّهَّرَ " بتشديد الظاء والهاء، وأصلها يَتَظَهَّر مِنْ تَظَهَّر بتشديد الهاء فأدغم التاء في الظاء. و " الفسادُ " رفعٌ على الفاعلية. وفتح ابن كثير ياءَ { ذَرُونِيَ أَقْتُلْ مُوسَى } وسَكَّنها الباقون

الجوهرة السابعة والعشرون بعد الاربعمائة


{ فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُمْ مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }

قال الرازي

واعلم أن الضمير في قوله { فَرِحُواْ } يحتمل أن يكون عائداً إلى الكفار، وأن يكون عائداً إلى الرسل، أما إذا قلنا إنه عائد إلى الكفار، فذلك العلم الذي فرحوا به أي علم كان؟ وفيه وجوه الأول: أن يكون المراد الأشياء التي كانوا يسمونها بالعلم، وهي الشبهات التي حكاها الله عنهم في القرآن كقولهم
{ وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ }
[الجاثية: 24] وقولهم
{ لَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا }
[الأنعام: 148] وقولهم
{ مَن يُحىِ الْعِظَـظ°مَ وَهِىَ رَمِيمٌ }
[يس: 78]،
{ وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبّى لأَجِدَنَّ خَيْراً مّنْهَا مُنْقَلَباً }
[الكهف: 36] وكانوا يفرحون بذلك ويدفعون به علوم الأنبياء، كما قال:
{ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }
[المؤمنون: 53]، الثاني: يجوز أن يكون المراد علوم الفلاسفة، فإنهم كانوا إذا سمعوا بوحي الله دفعوه وصغروا علم الأنبياء إلى علومهم، وعن سقراط أنه سمع بمجيء بعض الأنبياء فقيل له لو هاجرت فقال نحن قوم مهديون فلا حاجة بنا إلى من يهدينا الثالث: يجوز أن يكون المراد علمهم بأمور الدنيا ومعرفتهم بتدبيرها، كما قال تعالى:

{ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مّنَ الْحَيَوة الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الأَخِرَةِ هُمْ غَـافِلُونَ }
[الروم: 7]،
{ ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مّنَ الْعِلْمِ }
[النجم: 30] فلما جاءهم الرسل بعلوم الديانات وهي معرفة الله تعالى ومعرفة المعاد وتطهير النفس عن الرذائل لم يلتفتوا إليها واستهزؤا بها، واعتقدوا أنه لا علم أنفع وأجلب للفوائد من علمهم، ففرحوا به.*

أما إذا قلنا الضمير عائد إلى الأنبياء ففيه وجهان الأول: أن يجعل الفرح للرسل، ومعناه أن الرسل لما رأوا من قومهم جهلاً كاملاً، وإعراضاً عن الحق وعلموا سوء عاقبتهم وما يلحقهم من العقوبة على جهلهم وإعراضهم، فرحوا بما أوتوا من العلم وشكروا الله عليه، وحاق بالكافرين جزاء جهلهم واستهزائهم الثاني: أن يكون المراد فرحوا بما عند الرسل من العلم فرح ضحك منه واستهزاء به، كأنه قال استهزؤا بالبينات، وبما جاؤا به من علم الوحي فرحين، ويدل عليه قوله تعالى: { وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ }.

وقال ابن الجوزى فى زاد مسيره

قوله تعالى: { فرٍحوا بما عندهم من العِلْم } في المشار إليهم قولان:

أحدهما: [أنهم] الأُمم المكذِّبة، قاله الجمهور؛ ثم في معنى الكلام قولان.

أحدهما: أنهم قالوا: نحن أعلم منهم لن نُْعَثُ ولن نُحَاسَبَ، قاله مجاهد.

والثاني: فرحوا بما كان عندهم أنه عِلْم، قاله السدي.

والقول الثاني: أنهم الرُّسل؛ والمعنى: فرح الرُّسل لمّا هلك المكذِّبون ونَجَوْا بما عندهم من العِلْم بالله إذ جاء تصديقُه، حكاه أبو سليمان وغيره.

الجوهرة الثامنة والعشرون بعد الاربعمائة

وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } * { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }


قال القرطبي

{ وَمَا يُلَقَّاهَا } يعني هذه الفَعلة الكريمة والخصلة الشريفة { إِلاَّ ظ±لَّذِينَ صَبَرُواْ } بكظم الغيظ واحتمال الأذى. { وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } أي نصيب وافر من الخير؛ قاله ابن عباس. وقال قتادة ومجاهد: الحظ العظيم الجنة. قال الحسن: والله ما عظم حظ قط دون الجنة. وقيل: الكناية في «يُلَقَّاهَا» عن الجنة؛ أي ما يلقاها إلا الصابرون؛ والمعنى متقارب.

الجوهرة التاسعة والعشرون بعد الاربعمائة

{ وَمِنْ آيَاتِهِ الَّيلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُواْ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ }

قال السمين فى الدر

قوله: { خَلَقَهُنَّ }: في هذا الضميرِ ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها:/ أنه يعودُ على الأربعةِ المتعاطفةِ. وفي مجيءِ الضميرِ كضميرِ الإِناثِ - كما قال الزمخشري - هو أنَّ جَمْعَ ما لا يَعْقِلُ حكمُه حكمُ الأنثى أو الإِناث نحو: " الأقلامُ بَرَيْتُها وبَرَيْتُهنَّ ". وناقشه الشيخ من حيث إنه لم يُفَرِّقْ بين جمعِ القلةِ والكثرةِ في ذلك؛ لأنَّ الأفصحَ في جمعِ القلةِ أَنْ يُعامَلَ معاملةَ الإِناثِ، وفي جمع الكثرةِ أَنْ يُعامَلَ معاملةَ الأنثى فالأفْصحُ أَنْ يُقال: الأجذاعُ كَسَرْتُهُنَّ، والجذوعُ كَسَرْتُها. والذي تقدَّمَ في هذه الآيةِ ليس بجمعِ قلةٍ أعني بلفظٍ واحدٍ، ولكنه ذكر أربعةً متعاطفةً فتنزَّلَتْ منزلَة الجمعِ المعبَّرِ به عنها بلفظٍ واحد. قلت: والزمخشري ليس في مقام بيانِ الفصيح والأفصح، بل في مقامِ كيفيةِ مجيء الضميرِ ضميرَ إناث بعد تقدُّم ثلاثةِ أشياءَ مذكَّراتٍ وواحدٍ مؤنثٍ، فالقاعدةُ تغليبُ المذكرِ على المؤنثِ، أو لمَّا قال: " ومِنْ آياته " كُنَّ في معنى الآياتِ فقيل: خلقهنَّ، ذكره الزمخشريُّ أيضاً أنه يعود على لفظ الآياتِ.

الثالث: أنه يعودُ على الشمس والقمر؛ لأنَّ الاثنين جمعٌ، والجمعُ مؤنثٌ، ولقولهم: شموس وأقمار



[size=18]الجوهرة الثلاثون بعد الاربعمائة

وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَـظ°ئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ }

قال السمين فى دره:

وقرأ ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وجماعة " عَمٍ " بكسرِها منونةً اسماً منقوصاً وُصِفَ بذلك مجازاً. وقرأ عمرو بن دينار ورُوِيت عن ابن عباس " عَمِيَ " بكسر الميم وفتح الياء فعلاً ماضياً. وفي الضمير وجهان أظهرُهما: أنه للقرآن. والثاني: أنه للوَقْر والمعنى يأباه،

وقال ابن عاشور

وضمير { وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى } يتبادر أنه عائد إلى الذِّكر أو الكتاب كما عاد ضمير { هو } { لِلَّذِينَ ءَامَنُوا هُدًى }. والعَمى: عدم البصر، وهو مستعار هنا لضد الاهتداء فمقابلته بالهدى فيها محسِّن الطِّباق.

والإِسناد إلى القرآن على هذا الوجه في معاد الضمير بأنه عليهم عمًى من الإِسناد المجازي لأن عنادهم في قبوله كان سبباً لضلالهم فكان القرآن سَبَبَ سببٍ، كقوله تعالى:
{ وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم }
[التوبة: 125].

ويجوز أن يكون ضمير { وَهُوَ } ضميرَ شأن تنبيهاً على فظاعة ضلالهم. وجملة { عَلَيهم عَمًى } خبر ضميرَ الشأن، أي وأعظم من الوقر أن عليهم عمى، أي على أبصارهم عمى كقوله:
{ وعلى أبصارهم غشاوة }
[البقرة: 7]...

الجوهرة الواحدة والثلاثون بعد الاربعمائة

إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قَالُواْ آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ }

قال ابو حيان في بحره

والظاهر أن الضمير في قالوا عائد على المنادين، لأنهم المحدث معهم. { ما منا } أحد اليوم، وقد أبصرنا وسمعنا. يشهد أن لك شريكاً، بل نحن موحدون لك، وما منا أحد يشاهدهم لأنهم ضلوا عنهم وضلت عنهم آلهتهم، لا يبصرونها في ساعة التوبيخ. وقيل: الضمير في قالوا عائد على الشركاء، أي قالت الشركاء: { ما منا من شهيد } بما أضافوا إلينا من الشرك، وآذناك معلق لأنه بمعنى الإعلام.

الجوهرة الثانية والثلاثون بعد الاربعمائة

سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }

قال الالوسي

حَتَّى يَتَبَيَّنَ } يظهر { لَهُمْ أَنَّهُ } أي القرآن هو { ظ±لْحَقُّ } الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهو الحق كله من عند الله تعالى المطلع على كل غيب وشهادة فلهذا نصر حاملوه وكانوا محقين. وفي التعريف من الفخامة ما لا يخفى جلالة وقدراً. وفيما ذكر إشارة إلى أنه تعالى لا يزال ينشيء فتحاً بعد فتح وآية غب آية إلى أن يظهر على الدين كله ولو كره المشركون فانظر إلى هذه الآية الجامعة كيف دلت على حقية القرآن على وجه تضمن حقية أهله ونصرتهم على المخالفين وأعظم بذاك تسلياً عما أشعرت به الآية السابقة من انهماكهم في الباطل إلى حد يقرب من اليأس. وقيل: الضمير للرسول عليه الصلاة والسلام أو الدين أو التوحيد ولعل الأول أولى.

الجوهرة الثالثة والثلاثون بعد الاربعمائة

تَكَادُ ظ±لسَّمَظ°وَظ°تُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَظ±لْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ظ±لأَرْضِ أَلاَ إِنَّ ظ±للَّهَ هُوَ ظ±لْغَفُورُ ظ±لرَّحِيمُ }

قال ابن عاشور

وقوله: { من فوقهن } يجوز أن يكون ضمير { فوقهن } عائداً على { السماوات } ، فيكون المجرور متعلقاً بفعل { يتفطرن } بمعنى: أن انشقاقهن يحصل من أعلاهنّ، وذلك أبلغ الانشقاق لأنه إذا انشقّ أعلاهن كان انشقاق ما دونه أولى، كما قيل في قوله تعالى:
{ وهي خاوية على عروشها }
كما تقدم في سورة البقرة (259) وفي سورة الحج (45). وتكون { من } ابتدائيّة.

ويجوز أن يكون الضمير عائداً إلى { الأرض } من قوله تعالى:
{ وما في الأرض }
[الشورى: 4] على تأويل الأرض بأرضين باعتبار أجزاء الكرة الأرضية أو بتأويل الأرض بسكانها من باب
{ واسْأل القرية }
[يوسف: 82].....

وقال الالوسي

وقيل: الضمير للأرض أي لجنسها فيشمل السبع ولذا جمع الضمير وهو خلاف الظاهر، وقال علي بن سليمان الأخفش: الضمير للكفار والمراد من فوق الفرق والجماعات الملحدة، وبهذا الاعتبار أنث الضمير، وفي ذلك إشارة إلى أن التفطر من أجل أقوال هاتيك الجماعات، وفيه ما فيه.


الجوهرة الرابعة والثلاثون بعد الاربعمائة

{ فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }

قال القرطبي

يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } أي يخلقكم وينشئكم «فِيهِ» أي في الرحم. وقيل: في البطن. وقال الفرّاء وابن كيسان: «فيه» بمعنى به. وكذلك قال الزجاج: معنى «يَذْرَوُكُمْ فِيهِ» يكثركم به؛ أي يكثركم يجعلكم أزواجاً، أي حلائل؛ لأنهن سبب النسل. وقيل: إن الهاء في «فِيهِ» للجعل، ودلّ عليه «جَعَلَ»؛ فكأنه قال: يخلقكم ويكثركم في الجعل. ظ±بن قتيبة: «يَذْرَوُكُمْ فِيهِ» أي في الزوج؛ أي يخلقكم في بطون الإناث. وقال: ويكون «فِيهِ» في الرحم، وفيه بُعْدٌ؛ لأن الرحم مؤنثة ولم يتقدّم لها ذكر

وقال السمين

قوله: " يَذْرَؤُكُمْ فيه " يجوزُ أَنْ تكونَ " في " على بابِها. والمعنى: يُكَثِّرُكُمْ في هذا التدبير، وهو أنْ جَعَلَ للناسِ والأنعام أزواجاً حتى كان بين ذُكورِهم وإناثِهم التوالُدُ. والضميرُ في " يَذرَؤُكم " للمخاطبين والأنعامِ. وغَلَّب العُقلاءَ على غيرِهم الغُيَّبِ. قال الزمخشري: " وهي/ من الأحكامِ ذاتِ العلَّتَيْن ". قال الشيخ: " وهو اصطلاحٌ غريبٌ، ويعني: أنَّ الخطابَ يُغَلَّبُ على الغَيْبة إذا اجتمعا ". ثم قال الزمخشريُّ: " فإنْ قلت: ما معنى يَذْرَؤُكم في هذا التدبيرِ؟ وهلا قيل يَذْرَؤُكم به. قلت: جُعِل هذا التدبيرُ كالمَنْبَع والمَعدِنِ للبَثِّ والتكثيرِ. ألا تَراك تقول: للحَيَوان في خلق الأزواج تكثير، كما قال تعالى:
{ وَلَكُمْ فِي ظ±لْقِصَاصِ حَيَاةٌ }
[البقرة: 179]. والثاني: أنها للسببية كالباء أي: يُكَثِّرُكم بسبِبه. والضميرُ يعودُ للجَعْلِ أو للمخلوقِ ".

الجوهرة الخامسة والثلاثون بعد الاربعمائة

وَالَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا اسَتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ }
قال السمين

. والهاءُ في " له " تعودُ على الله أو على الرسول عليه السلام أي: مِنْ بعدِ ما استجاب الناسُ لله تعالى، أو مِنْ بعدِما استجاب اللَّهُ لرسولِه حين دعا على قومِه.

الجوهرة السادسة والثلاثون بعد الاربعمائة

وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ }

قال السمين

قوله: { وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُواْ }: يجوزُ أَنْ يكونَ الموصولُ فاعلاً أي: يُجيبون ربَّهم إذا دعاهُمْ كقولِه:
{ ظ±سْتَجِيبُواْ للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم }
[الأنفال: 24]. واستجابَ كأَجاب. ومنه:
3973 ـ وداعٍ دَاع يا مَنْ يُجيب إلى النَّدى فلم يَسْتَجِبْه عند ذاكَ مُجيبُ
ويجوزُ أَنْ تكونَ السينُ للطلب على بابِها بمعنى: ويُسْتَدْعَى المؤمنون للإِجابة عن ربِّهم بالأعمالِ الصالحة. ويجوزُ أَنْ يكونَ الموصولُ مفعولاً به، والفاعلُ مضمرٌ يعودُ على الله بمعنى: ويُجيب اللَّهُ الذين آمنوا أي: دعاهم. وقيل: ثَمَّ لامٌ مقدرةٌ أي: ويَسْتجيب الله للذين آمنوا فَحَذَفها للعِلْم بها.

الجوهرة السابعة والثلاثون بعد الاربعمائة

وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

قال السمين

قوله: { وَجَعَلَهَا }: الضميرُ المرفوعُ لإِبراهيمَ عليه السلام - وهو الظاهرُ - أو لله. والمنصوبُ لكلمة التوحيد المفهومةِ مِنْ قولِه: " إنني بَراءٌ " إلى آخره، أو لأنَّها بمنزلةِ الكلمة، فعاد الضمير على ذلك اللفظِ لأجل المَعْنِيِّ به.

وقرئ " في عَقْبِه " بسكون القافِ. وقُرِئ " في عاقِبه " أي: وارِثه. وحميد بن قيس " كلمة " بكسر الكاف وسكون اللام.

الجوهرة الثامنة والثلاثون بعد الاربعمائة

وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ }

قال السمين فى دره

قوله: { وَلَن يَنفَعَكُمُ }: في فاعلِه قولان،

أحدهما: أنه ملفوظٌ به، وهو " أنَّكم " وما في حَيِّزِها. التقدير: ولن يَنْفَعَكم اشتراكُكم في العذاب بالتأسِّي، كما يَنْفَعُ الاشتراكُ في مصائب الدنيا فيتأسَّى المُصاب بمثلِه. ومنه قولُ الخنساء:
3996 ـ ولولا كَثْرَةُ الباكِيْنَ حَوْلي على إخوانِهم لقَتَلْتُ نَفْسي
وما يَبْكُون مثلَ أخي ولكنْ أُعَزِّي النفسَ عنه بالتأسِّي

والثاني: أنّه مضمرٌ. فقدَّره بعضُهم ضميرَ التمنِّي المدلولَ عليه بقوله: { يظ°لَيْتَ بَيْنِي } أي: لن يَنْفَعكم تَمَنِّيْكم البُعْدَ. وبعضُهم: لن ينفَعَكم اجتماعُكم. وبعضُهم: ظُلْمُكم وجَحْدُكم. وعبارةُ مَنْ عَبَّر بأنَّ الفاعلَ محذوفٌ مقصودُه الإِضمارُ المذكورُ لا الحذفُ؛ إذ الفاعلُ لا يُحْذَفُ إلاَّ في مواضعَ ليس هذا منها،*

وعلى هذا الوجهِ يكونُ قوله: " أنَّكم " تعليلاً أي: لأنَّكم، فحذفَ الخافضَ فجرى في مَحَلِّها الخلافُ: أهو نصبٌ أم جرٌّ؟ ويؤيِّد إضمارَ الفاعلِ، لا أنَّه هو " أنَّكم " ، قراءةُ " إنكم " بالكسرِ فإنَّه/ استئنافٌ مفيدٌ للتعليلِ..

الجوهرة التاسعة والثلاثون بعد الاربعمائة

أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُواْ اسَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ }

قال السمين فى دره

والضميرُ في " مَحْياهم ومماتُهم " يجوزُ أَنْ يعودَ على القَبِيْلَيْنِ بمعنى: أنَّ مَحْيا المؤمنين ومماتَهم سواءٌ عند الله في الكرامةِ، ومَحْيا المجترحين ومماتَهم سواءٌ في الإِهانةِ عنده، فَلَفَّ الكلام اتِّكالاً على ذِهْنِ السَّامع وفهمِه. ويجوزُ أَنْ يعودَ على المُجْترحين فقط. أَخْبَرَ أَنَّ حالَهم في الزمانَيْن سواءٌ.

الجوهرة الاربعون بعد الاربعمائة

فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَـذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ }

قال الرازي

قال تعالى: { فَلَمَّا رَأَوْهُ } ذكر المبرّد في الضمير في رأوه قولين أحدهما: أنه عائد إلى غير مذكور وبينه قوله { عَارِضاً } كما قال:
{ مَا تَرَكَ عَلَىظ° ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ }
[فاطر: 45] ولم يذكر الأرض لكونها معلومة فكذا هظ°هنا الضمير عائد إلى السحاب، كأنه قيل: فلما رأوا السحاب عارضاً وهذا اختيار الزجاج ويكون من باب الإضمار لا على شريطة التفسير والقول الثاني: أن يكون الضمير عائداً إلى ما في قوله { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } أي فلما رأوا ما يوعدون به عارضاً، قال أبو زيد العارض السحابة التي ترى في ناحية السماء ثم تطبق

الجوهرة الواحدة والاربعون بعد الاربعمائة

{ وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُواْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاْ إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ }

قال السمين

قوله: " فلَمَّا حَضَرُوْه " يجوزُ أَنْ تكونَ الهاءُ للقرآنِ، وهو الظاهرُ، وأَنْ تكونَ للرسولِ عليه السلام، وحينئذٍ يكونُ في الكلام التفاتٌ مِنْ قولِه: " إليك " إلى الغَيْبَةِ في قولِه: " حَضَرُوه ".

قوله: " قُضِي " العامَّةُ على بنائِه للمفعولِ أي: فَرَغَ [مِنْ] قراءةِ القرآنِ، وهو يُؤَيِّدُ عَوْدَ هاء " حَضَروه " على القرآن. وأبو مجلز. وحبيب بن عبد الله " قَضَى " مبنياً للفاعلِ أي: أتَمَّ الرسولُ قراءتَه، وهي تؤيِّدُ عَوْدَها على الرسولِ عليه السلام
[/size]

descriptionقل÷رد: جواهر الضمائر فى كتاب الله

more_horiz
الجوهرة الثانية والاربعون بعد الاربعمائة

ذَلِكَ بِأَنَّ الذِينَ كَفَرُواْ اتَّبَعُواْ البَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّبَعُواْ الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ }

قال الرازى

المسألة الثانية: الضمير في قوله { أَمْثَـظ°لَهُمْ } عائد إلى من؟ فيه وجهان: أحدهما: إلى الناس كافة قال تعالى: { يَضْرِبُ ظ±للَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَـظ°لَهُمْ } على أنفسهم وثانيهما: إلى الفريقين السابقين في الذكر معناه: يضرب الله للناس أمثال الفريقين السابقين.



الجوهرة الثالثة والاربعون بعد الاربعمائة



أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا }

قال السمين

قوله: " أمثالُها " أي: أمثال العاقبةِ المتقدِّمة. وقيل: أمثال العقوبة. وقيل: التَّدْميرة. وقيل: الهَلَكة. والأولُ أَوْلَى لتقدُّم ما يعودُ عليه الضميرُ صريحاً مع صحةِ معناه.

{ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ }

قال الرازى

وقوله { فَلاَ نَـاصِرَ لَهُمْ } للحال والاستقبال؟ والجواب أنه محمول على الحكاية والحكاية كالحال الحاضر، ويحتمل أن يقال أهلكناهم في الدنيا فلا ناصر لهم ينصرهم ويخلصهم من العذاب الذي هم فيه، ويحتمل أن يقال قوله { فَلاَ نَـاصِرَ لَهُمْ } عائد إلى أهل قرية محمد عليه السلام كأنه قال أهلكنا من تقدم أهل قريتك ولا ناصر لأهل قريتك ينصرهم ويخلصهم مما جرى على الأولين.

الجوهرة الرابعة والاربعون بعد الاربعمائة

إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّواْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ }

قال السمين

قوله: " وأَمْلَى " العامَّةُ على " أَمْلَى " مبنياً للفاعل، وهو ضمير الشيطان. وقيل: هو للباري تعالَى. قال أبو البقاء: " على الأول يكونُ معطوفاً على الخبر، وعلى الثاني يكونُ مُسْتأنفاً ". ولا يَلْزَمُ ما قاله بل هو معطوفٌ على الخبر في كلا التقديرَيْن، أخبر عنهم بهذا وبهذا. وقرأ أبو عمروٍ في آخرين " أُمْلِيَ " مبنياً للمفعول، والقائمُ مَقامَ الفاعلِ الجارُّ. وقيل: القائم مَقامَه ضميرُ الشيطان، ذكره أبو البقاء، ولا معنى لذلك. وقرأ يَعْقُوبُ وسلام ومجاهد/ " وأُمْلِيْ " بضمِ الهمزةِ وكسرِ اللام وسكونِ الياءِ. فاحتملَتْ وجهَيْن، أحدُهما: أَنْ يكونَ مضارعاً مُسْنداً لضمير المتكلم أي: وأُمْلِي أنا لهم، وأَنْ يكونَ ماضياً كقراءة أبي عمروٍ سُكِّنَتْ ياؤه تخفيفاً. وقد مضى منه جملةٌ.


وقال القرطبي

وَأَمْلَىظ° لَهُمْ } أي مدّ لهم الشيطان في الأمل ووعدهم طول العمر؛ عن الحسن أيضاً. وقال: إن الذي أملى لهم في الأمل ومدّ في آجالهم هو الله عز وجل؛ قاله الفرّاء والمفضل. وقال الكَلْبيّ ومقاتل: إن معنى «أَمْلَى لَهُمْ» أمهلهم؛ فعلى هذا يكون الله تعالى أمْلَى لهم بالإمهال في عذابهم. وقرأ أبو عمرو وظ±بن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وأبو جعفر وشيبة «وَأُمْلِي لَهُمْ» بضم الهمزة وكسر اللام وفتح الياء؛ على ما لم يسمّ فاعله. وكذلك قرأ ابن هُرْمُز ومجاهد والجَحْدرِي ويعقوب، إلا أنهم سكّنوا الياء على وجه الخبر من الله تعالى عن نفسه أنه يفعل ذلك بهم؛ كأنه قال: وأنا أملي لهم. وظ±ختاره أبو حاتم، قال: لأن فتح الهمزة يُوهم أن الشيطان يملي لهم، وليس كذلك؛ فلهذا عدل إلى الضم. قال المهدويّ: ومن قرأ «وَأَمْلَى لَهُمْ» فالفاعل ظ±سم الله تعالى. وقيل الشيطان. واختار أبو عبيد قراءة العامة، قال: لأن المعنى معلوم؛ لقوله:
{ لِّتُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ }
[الفتح: 9] ردّ التسبيح على اسم الله، والتوقير والتعزيرَ على اسم الرسول.

الجوهرة الخامسة والاربعون بعد الاربعمائة

{ إِنَّمَا الحَيَظ°وةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ }

قال الالوسي

{ إِنَّمَا الْحَيَوظ°ةُ ظادُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ } لا ثبات لها ولا اعتداد بها { وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ } أي ثواب إيمانكم وتقواكم من الباقيات الصالحات التي يتنافس فيها المتنافسون { وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ } عطف على الجزاء والإضافة للاستغراق، والمعنى إن تؤمنوا لا يسألكم جميع أموالكم كما يأخذ من الكافر جميع ماله، وفيه مقابلة حسنة لقوله تعالى: { يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ } كأنه قيل: يعطكم كل الأجور ويسألكم بعض المال وهو ما شرعه سبحانه من الزكاة، وقول سفيان بن عيينة أي لا يسألكم كثيراً من أموالكم إنما يسألكم ربع العشر فطيبوا أنفسكم بيان لحاصل المعنى، وقيل: أي لا يسألكم ما هو مالكم حقيقة وإنما يسألكم ماله عز وجل وهو المالك لها حقيقة وهو جل شأنه المنعم عليكم بالانتفاع بها، وقيل: أي لا يسألكم أموالكم لحاجته سبحانه إليها بل ليرجع إنفاقكم إليكم،*

وقيل: أي لا يسألكم الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً من أموالكم أجراً على تبليغ الرسالة كما قال تعالى:
{ قُلْ مَا أَسْـألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ ظ±لْمُتَكَلّفِينَ }
[ص: 86] ووجه التعليق عليها غير ظاهر وفي بعضها أيضاً ما لا يخفى.

{ إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ }

قال السمين

قوله: { فَيُحْفِكُمْ }: عطفٌ على الشرط و " تَبْخَلوا " جوابُ الشرط.

قوله: " ويُخْرِجْ أَضْغانَكم " العامَّةُ على إسنادِ الفعل إلى ضميرِ فاعلٍ: إمَّا اللَّهِ تعالى أو الرسولِ أو السؤالِ؛ لأنَّه سببٌ وهو مجزومٌ عَطْفاً على جوابِ الشرط. ورُوي عن أبي عمروٍ رفعُه على الاستئنافِ. وقرأ أيضاً بفتح الياء وضمِّ الراء ورفعِ " أَضْغانُكم " فاعلاً بفعله. وابن عباس في آخرين " وتَخْرُجْ " بالتاء مِنْ فوقُ وضم الراء " أضغانُكم " فاعلٌ به. ويعقوب " ونُخْرِجْ " بنون العظمة وكسرِ الراء " أضغانَكم " نصباً.

وقُرِئ " يُخْرَجْ " بالياء على البناء للمفعولِ " أَضْغانُكم " رفعاً به. وعيسى كذلك إلاَّ أنه نَصَبه بإضمار " أَنْ " عطفاً على مصدرٍ متوهَّمٍ أي: يَكُنْ بُخْلُكُمْ وإخراجُ أضغانِكم

وقال ابن الجوزى فى زاد المسير

ويُخْرِجْ أضغانَكم } وقرأ سعد بن أبي وقاص، وابن عباس، وابن يعمر: { ويُخْرَج } بياء مرفوعه وفتح الراء { أضغانُكم } بالرفع. وقرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو رزين، وعكرمة، وابن السميفع، وابن محيصن، والجحدري: { وتَخْرُج } بتاء مفتوحة ورفع الراء { أضغانُكم } بالرفع. وقرأ ابن مسعود، والوليد عن يعقوب: { ونُخْرِج } بنون مرفوعة وكسر الراء { أضغانَكم } بنصب النون، أي يُظهر بُغضَكم وعداوتَكم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم؛ ولكنه فرض عليكم يسيراً.

وفيمن يضاف إِليه هذا الإِخراج وجهان:

أحدهما: إِلى الله عز وجل.

والثاني: البخل، حكاهما الفراء. وقد زعم قوم أن هذه الآية منسوخة بآية الزكاة، وليس بصحيح، لأنّا قد بيَّنّا أن معنى الآية: إن يسألْكم جميعَ أموالكم؛ والزكاة لا تنافي ذلك.

الجوهرة السادسة والاربعون بعد الاربعمائة

هُمُ الذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }

قال السمين
والضمير في " تَزَيَّلوا " يجوز أَنْ يعودَ على المؤمنين فقط، أو على الكافرين أو على الفريقين أي: لو تَمَيَّز هؤلاء مِنْ هؤلاء لَعَذَّبْنا

{ إِذْ جَعَلَ الذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُواْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }

قال السمين

قوله: " وكانوا أحَقَّ " الضميرُ يجوزُ أَنْ يعودَ على المؤمنين، وهو الظاهر أي: أحقَّ بكلمةِ التقوى من الكفار. وقيل: يعودُ على الكفار/ أي: كانت قُرَيْشٌ أَحَقَّ بها لولا حِرْمانُهم.


وقال الالوسي

فالذين ـ فاعل { جَعَلَ } ووضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بما في حيز الصلة وتعليل الحكم به. والجعل إما بمعنى الإلقاء فقوله تعالى: { فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ } متعلق به أو بمعنى التصيير فهو متعلق بمحذوف هو مفعول ثان له أي جعلوا الحمية راسخة في قلوبهم ولكونها مكتسبة لهم من وجه نسب جعلها إليهم. وقال النيسابوري: يجوز أن يكون فاعل { جَعَلَ } ضمير الله تعالى و { فِي قُلُوبِهِمْ } بيان لمكان الجعل ومآل المعنى إذ جعل الله في قلوب الذين كفروا الحمية وهو كما ترى




الجوهرة السابعة والاربعون بعد الاربعمائة

ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }

قال الالوسي

والفاء في { فَكَرِهْتُمُوهُ } فصيحة في جواب شرط مقدر ويقدر معه قد أي إن صح ذلك أو عرض عليكم هذا فقد كرهتموه ولا يمكنكم إنكار كراهته، والجزائية باعتبار التبين، والضمير المنصوب للأكل / وقيل: للحم، وقيل: للميت وليس بذاك، وجوز كونه للاغتياب المفهوم مما قبل، والمعنى فاكرهوه كراهيتكم لذلك الأكل، وعبر بالماضي للمبالغة، وإذا أول بما ذكر يكون إنشاء غير محتاج لتقدير قد.

قال الرازي

وقوله تعالى: { فَكَرِهْتُمُوهُ } فيه مسألتان:

المسألة الأولى: العائد إليه الضمير يحتمل وجوهاً الأول: وهو الظاهر أن يكون هو الأكل، لأن قوله تعالى: { أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ } معناه أيحب أحدكم الأكل، لأن أن مع الفعل تكون للمصدر، يعني فكرهتم الأكل الثاني: أن يكون هو اللحم، أي فكرهتم اللحم الثالث: أن يكون هو الميت في قوله { مَيْتًا } وتقديره: أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً متغيراً فكرهتموه، فكأنه صفة لقوله { مَيْتًا } ويكون فيه زيادة مبالغة في التحذير، يعني الميتة إن أكلت في الندرة لسبب كان نادراً، ولكن إذا أنتن وأروح وتغير لا يؤكل أصلاً، فكذلك ينبغي أن تكون الغيبة.


الجوهرة الثامنة والاربعون بعد الاربعمائة

ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ } * { بَلْ عَجِبُواْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَـذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ }

قال ابو حيان

والضمير في { بل عجبوا } عائد على الكفار، ويكون قوله: { فقال الكافرون } تنبيهاً على القلة الموجبة للعجب، وهو أنهم قد جبلوا على الكفر، فلذلك عجبوا. وقيل: الضمير عائد على الناس، قيل: لأن كل مفطور يعجب من بعثة بشر رسولاً من الله، لكن من وفق نظر فاهتدى وآمن، ومن خذل ضل وكفر؛

الجوهرة التاسعة والاربعون بعد الاربعمائة


لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ }


قال ابن الجوزى فى زاد المسير

قوله تعالى: { لقد كنتَ } أي: ويقال له: { لقد كنتَ في غفلة من هذا } اليوم وفي المخاطَب بهذه الآيات ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه الكافر، قاله ابن عباس، وصالح بن كيسان في آخرين.

والثاني: أنه عامّ في البَرِّ والفاجر، قاله حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، واختاره ابن جرير.

والثالث: أنه النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهذا قول ابن زيد. فعلى القول الأول يكون المعنى: لقد كنتَ في غفلة من هذا اليوم في الدنيا بكفرك به؛ وعلى الثاني: كنتَ غافلاً عن أهوال القيامة { فكَشَفْنا عنك غِطاءك } الذي كان في الدنيا يغشى قلبك وسمعك وبصرك.

وقيل معناه: أريناك ما كان مستوراً عنك؛ وعلى الثالث: لقد كنتَ قبل الوحي في غفلة عمّا أُوحي إِليك، فكشفنا عنك غطاءك بالوحي { فبصرُك اليومَ حديدٌ }

الجوهرة الخمسون بعد الاربعمائة

يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ }

قال السمين

قوله: { يُؤْفَكُ عَنْهُ }: صفةٌ لقول. والضميرُ في " عنه " للقرآن، أو للرسول، أو للدِّين أو لِما تُوْعَدون أي: يُصْرَفُ عنه. وقيل: " عن " للسبب. والمأفوكُ عنه محذوفٌ، والضميرُ في " عنه " على هذا لـ " قولٍ مختلفٍ " أي: يُؤْفَكُ بسبب القولِ مَنْ أراد الإِسلام بأَنْ يقول/: هو سحرٌ، هو كِهانَةٌ. والعامَّةُ على بناء الفعلَيْن للمفعول. وقتادة وابن جبير " يُؤْفَكُ عنه مَنْ أَفَك " الأول للمفعول، والثاني للفاعل أي: يُصْرَفُ عنه مَنْ صَرَف الناسَ عنه. وزيد بن علي يَأْفَكُ مبنياً للفاعل مِنْ أفك الشيء أي: يَصْرِف الناسَ عنه مَنْ هو مأفوك في نفسه. وعنه أيضاً: " يَأْفِكُ عنه مَنْ أَفَّك " بالتشديد أي: مَنْ هو أفَّاك في نفسِه. وقُرِىء " يُؤْفَنُ عنه مَنْ أُفِنَ " بالنون فيهما أي: يَحْرِمُه مَنْ حَرَمه، مِنْ أَفِنَ الضَّرْعَ إذا نهكَه حَلْباً

وقال الرازي

وفيه وجوه. أحدها: أنه مدح للمؤمنين، أي يؤفك عن القول المختلف ويصرف من صرف عن ذلك القول ويرشد إلى القول المستوي. وثانيها: أنه ذم معناه يؤفك عن الرسول. ثالثها: يؤفك عن القول بالحشر. رابعها: يؤفك عن القرآن، وقرىء يؤفن عنه من أفن، أي يحرم، وقرىء يؤفك عنه من أفك، أي كذب.

وقال ابن عاشور

وجملة { يؤفك عنه من أفك } يجوز أن تكون في محل صفة ثانية لــ { قولٍ مختلف } ، ويجوز أن تكون مستأنفة استئنافاً بيانياً ناشئاً عن قوله:
{ وإن الدين لواقع }
[الذاريات: 6]، فتكون جملة { والسماء ذاتِ الحبك إنكم لفي قول مختلف } معترضة بين الجملة البيانية والجملة المبيَّن عنها. ثم إن لفظ { قول } يقتضي شيئاً مقولاً في شأنه فإذ لم يذكر بعد { قول } ما يدل على مقول صلَح لجميع أقوالهم التي اختلقوها في شأنه للقرآن ودعوة الإسلام كما تقدم.

فلما جاء ضميرُ غيبة بعد لفظ { قول } احتمل أن يعود الضمير إلى { قولٍ } لأنه مذكور، وأن يعود إلى أحوال المقول في شأنه فقيل ضمير { عنه } عائد إلى { قول مختلف } وأن معنى { يؤفك عنه } يصرف بسببه، أي يصرف المصروفون عن الإيمان فتكون (عن) للتعليل كقوله تعالى:
{ وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك }
[هود: 53] وقوله تعالى:
{ وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلاّ عن موعدة وعدها إياه }
[التوبة: 114]، وقيل ضمير { عنه } عائد إلى
{ ما توعدون }
[الذاريات: 22] أو عائد إلى
{ الدين }
[الذاريات: 6]، أي الجزاء أن يؤفك عن الإيمان بالبعث والجزاء من أفك. وعن الحسن وقتادة: أنه عائد إلى القرآن أو إلى الدين، أي لأنهما مما جرى القول في شأنهما، وحرف (عن) للمجاوزة.

الجوهرة الواحدة والخمسون بعد الاربعمائة

وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الأَلِيمَ }

قال السمين

قوله: { فِيهَآ آيَةً }: يجوز أن يعود الضمير على القرية أي: تَرَكْنا في القرية علامةً كالحجارةِ أو الماء المُنْتِنِ، ويجوزُ أَنْ يعودَ على الإِهلاكةِ المفهومةِ/ من السِّياق

descriptionقل÷رد: جواهر الضمائر فى كتاب الله

more_horiz
والفاء في { فَكَرِهْتُمُوهُ } فصيحة في جواب شرط مقدر ويقدر معه قد أي إن صح ذلك أو عرض عليكم هذا فقد كرهتموه ولا يمكنكم إنكار كراهته، والجزائية باعتبار التبين، والضمير المنصوب للأكل / وقيل: للحم، وقيل: للميت وليس بذاك، وجوز كونه للاغتياب المفهوم مما قبل، والمعنى فاكرهوه كراهيتكم لذلك الأكل، وعبر بالماضي للمبالغة، وإذا أول بما ذكر يكون إنشاء غير محتاج لتقدير قد.

والضمير المنصوب للأكل
قلبي الي هذا القول اميَل
وامّا ارجاع الضمير الي الاغتياب فبعيد جدا




الجوهرة الثانية والخمسون بعد الاربعمائة

وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ }

قال السمين

وفي الضمير في " أَلَتْناهم " وجهان، أظهرهما: أنَّه عائدٌ على المؤمنين. والثاني: أنَّه عائد على أبنائهم. قيل: ويُقَوِّيه قولُه: { كُلُّ امْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ }.

الجوهرة الثالثة والخمسون بعد الاربعمائة

يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ }

قال ابن عاشور

وضمير { لا لغو فيها } عائداً إلى «كأس» ووصف الكأس بــــ { لا لغو فيها ولا تأثيم }. إن فُهم الكأس بمعنى الإِناء المعروف فهو على تقدير: لا لغو ولا تأثيم يصاحبها، فإن (في) للظرفية المجازية التي تؤوّل بالملابسة، كقوله تعالى:


{ وجاهدوا في اللَّه حق جهاده }
[الحج: 78] وقول النبي صلى الله عليه وسلم " ففيهما ـــ أي والديك ـــ فجاهد " ، أي جاهد ببرهما، أو تُأوَّل (في) بمعنى التعليل كقول النبي صلى الله عليه وسلم " دخلت امرأة النار في هرة حبستها حتى ماتت جوعاً "*

وإن فهم الكأس مراداً به الخمر كانت (في) مستعارة للسببية، أي لا لغو يقع بسبب شربها. والمعنى على كلا الوجهين أنها لا يخالط شاربيها اللغوُ والإِثم بالسباب والضرب ونحوه، أي أن الخمر التي استعملت الكأس لها ليست كخمور الدنيا، ويجوز أن تكون جملة { لا لغو فيها ولا تأثيم } مستأنفة ناشئة عن جملة { يتنازعون فيها كأساً } ، ويكون ضمير { فيها } عائداً إلى { جنات } من قوله:
{ إن المتقين في جنات }
[الطور: 17] مثل ضمير { فيها كأساً } ، فتكون في الجملة معنى التذييل لأنه إذا انتفى اللغو والتأثيم عن أن يكونا في الجنة انتفى أن يكونا في كأس شُرب أهل الجنة.

ومثل هذين الوجهين يأتي في قوله تعالى:
{ إن للمتقين مفازاً حدائق وأعناباً }
في سورة النبأ (31- 32) إلى قوله:
{ لا يسمعون فيها لغواً ولا كذاباً }
في سورة النبأ (35).

الجوهرة الرابعة والخمسون بعد الاربعمائة

ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَآءَ الأَوْفَى }

قال السمين

قوله: { ثُمَّ يُجْزَاهُ }: يجوزُ فيه وجهان، أظهرهما: أنَّ الضميرَ المرفوعَ عائدٌ على الإِنسان، والمنصوبَ عائدٌ على سعيه. والجزاء مصدرٌ مبيِّنٌ للنوع. والثاني: قال الزمخشريُّ: " ويجوزُ أَنْ يكونَ الضميرُ للجزاء، ثم فَسَّره بقولِه " الجزاءَ " ، أو أبدلَه عنه كقولِه:
{ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ }
[الأنبياء: 3]. قال الشيخ: " وإذا كان تفسيراً للضميرِ المنصوبِ في " يُجْزاه " فعلى ماذا ينتصِبُ، وأمَّا إذا كان بدلاً فهو مِنْ بدلِ الظاهرِ/ من المضمرِ، وهي مسألةُ خلافٍ والصحيحُ المنعُ ".

قلت: العجبُ كيف يقولُ: فعلى ماذا ينتصِبُ؟ وانتصابُه من وجهَيْن، أحدُهما: ـ وهو الظاهرُ البيِّن - أنْ يكونَ عطفَ بيانٍ، وعطفُ البيانِ يَصْدُقُ عليه أنه مُفَسِّرٌ، وهي عبارةٌ سائغةٌ شائعةٌ. والثاني: أَنْ ينتصِبَ بإضمار أَعْني، وهي عبارةٌ سائغةٌ أيضاً يُسَمُّون مثلَ ذلك تفسيراً. وقد مَنَعَ أبو البقاء أن ينتصِبَ الجزاء الأَوْفى على المصدرِ، فقال: " الجزاءَ الأوفى هو مفعولُ " يُجْزاه " وليس بمصدرٍ لأنَّه وَصَفَه بالأَوْفى، وذلك مِنْ صفةِ المَجْزِيِّ به لا من صفةِ الفعلِ ". قلت: وهذا لا يَبْعُدُ عن الغلطِ؛ لأنه يلزَمُ أَنْ يتعدَّى يُجْزى إلى ثلاثةِ مفاعيل. بيانه: أنَّ الأولَ قام مقامَ الفاعلِ، والثاني: الهاءُ التي هي ضميرُ السعي، والثالث: الجزاءَ الأوفى. وأيضاً فكيف يَنْتَظم المعنى؟ وقد يُجاب عنه: بأنه أراد أنه بدلٌ من الهاءِ كما تقدَّم نَقْلُه عن الزمخشريَّ فيَصِحُّ أَنْ يُقالَ: هو مفعولُ " يُجْزاه " ، فلا يتعدَّى لثلاثةٍ حينئذٍ، إلاَّ أنه بعيدٌ مِنْ غَرَضِه، ومثلُ هذا إلغازٌ. وأمَّا قولُه: " والأوفى ليس من صفات الفعل " ممنوعٌ، بل هو من صفاتِه مجازٌ، كما يُوْصف به المجزيُّ به مجازاً، فإن الحقيقةَ في كليهما منتفيةٌ، وإنما المُتَّصِفُ به حقيقةُ المُجازَى.

الجوهرة الخامسة والخمسون بعد الاربعمائة

كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ }

قال الرازى

وفيه وجهان أحدهما: وهو الصحيح أن الضمير عائد إلى الأرض، وهي معلومة وإن لم تكن مذكورة قال تعالى:
{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ }
[فاطر: 45] الآية وعلى هذا فله ترتيب في غاية الحسن، وذلك لأنه تعالى لما قال:
{ وَلَهُ الْجَوَارِ المنشآت }
[الرحمظ°ن: 24] إشارة إلى أن كل أحد يعرف ويجزم بأنه إذا كان في البحر فروحه وجسمه وماله في قبضة الله تعالى فإذا خرج إلى البر ونظر إلى الثبات الذي للأرض والتمكن الذي له فيها ينسى أمره فذكره وقال: لا فرق بين الحالتين بالنسبة إلى قدرة الله تعالى وكل من على وجه الأرض فإنه كمن على وجه الماء، ولو أمعن العاقل النظر لكان رسوب الأرض الثقيلة في الماء الذي هي عليه أقرب إلى العقل من رسوب الفلك الخفيفة فيه الثاني: أن الضمير عائد إلى الجارية إلا أنه بضرورة ما قبلها كأنه تعالى قال: الجواري ولا شك في أن كل من فيها إلى الفناء أقرب، فكيف يمكنه إنكار كونه في ملك الله تعالى وهو لا يملك لنفسه في تلك الحالة نفعاً ولا ضراً، وقوله تعالى:
{ وَيَبْقَىظ° وَجْهُ رَبّكَ ذُو الْجَلْـالِ وَالإكْرَامِ }
[الرحمظ°ن: 27] يدل على أن الصحيح الأول

الجوهرة السادسة والخمسون بعد الاربعمائة

إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً } * { فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً } * { عُرُباً أَتْرَاباً } * { لأَصْحَابِ الْيَمِينِ }

قال الرازي
وفي الإنشاء مسائل:

المسألة الأولى: الضمير في: { أَنشَأْنَـظ°هُنَّ } عائد إلى من؟ فيه ثلاثة أوجه أحدها: إلى
{ حُورٌ عِينٌ }
[الواقعة: 22] وهو بعيد لبعدهن ووقوعهن في قصة أخرى ثانيها: أن المراد من الفرش النساء والضمير عائد إليهن لقوله تعالى:
{ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ }
[البقرة: 187]، ويقال للجارية صارت فراشاً وإذا صارت فراشاً رفع قدرها بالنسبة إلى جارية لم تصر فراشاً، وهو أقرب من الأول لكن يبعد ظاهراً لأن وصفها بالمرفوعة ينبىء عن خلاف ذلك وثالثها: أنه عائد إلى معلوم دل عليه فرش لأنه قد علم في الدنيا وفي مواضع من ذكر الآخرة، أن في الفرش حظايا تقديره وفي فرش مرفوعة حظايا منشآت وهو مثل ما ذكر في قوله تعالى:
{ قَـظ°صِرظ°تُ ظ±لطَّرْفِ }
[الرحمظ°ن: 56] و
{ مقصورات }
[الرحمظ°ن: 72] فهو تعالى أقام الصفة مقام الموصوف ولم يذكر نساء الآخرة بلفظ حقيقي أصلاً وإنما عرفهن بأوصافهن ولباسهن إشارة إلى صونهن وتخدرهن

الجوهرة السابعة والخمسون بعد الاربعمائة


لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }

قال الرازي

فيه مسألتان:

المسألة الأولى: قال الواحدي هذه آية مشكلة وليس للمفسرين فيها كلام واضح في كيفية اتصال هذه الآية بما قبلها.

واعلم أن أكثر المفسرين على أن (لا) ههنا صلة زائدة، والتقدير: ليعلم أهل الكتاب، وقال أبو مسلم الأصفهاني وجمع آخرون: هذه الكلمة ليست بزائدة، ونحن نفسر الآية على القولين بعون الله تعالى وتوفيقه. أما القول المشهور: وهو أن هذه اللفظة زائدة، فاعلم أنه لا بد ههنا من تقديم مقدمة وهي: أن أهل الكتاب وهم بنو إسرائيل كانوا يقولون: الوحي والرسالة فينا، والكتاب والشرع ليس إلا لنا، والله تعالى خصنا بهذه الفضيلة العظيمة من بين جميع العالمين، إذا عرفت هذا فنقول: إنه تعالى لما أمر أهل الكتاب بالإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام وعدهم بالأجر العظيم على ذلك الإيمان أتبعه بهذه الآية، والغرض منها أن يزيل عن قلبهم اعتقادهم بأن النبوة مختصة بهم وغير حاصلة إلا في قومهم، فقال: إنما بالغنا في هذا البيان، وأطنبنا في الوعد والوعيد ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على تخصيص فضل الله بقوم معينين، ولا يمكنهم حصر الرسالة والنبوة في قوم مخصوصين، وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ولا اعتراض عليه في ذلك أصلاً*

أما القول الثاني: وهو أن لفظة (لا) غير زائدة، فاعلم أن الضمير في قوله: { أَلاَّ يَقْدِرُونَ } عائد إلى الرسول وأصحابه، والتقدير: لئلا يعلم أهل الكتاب أن النبي والمؤمنين لا يقدرون على شيء من فضل الله، وأنهم إذا لم يعلموا أنهم لا يقدرون عليه فقد علموا أنهم يقدرون عليه، ثم قال: { وَأَنَّ ظ±لْفَضْلَ بِيَدِ ظ±للَّهِ } أي وليعلموا أن الفضل بيد الله، فيصير التقدير: إنا فعلنا كذا وكذا لئلا يعتقد أهل الكتاب أنهم يقدرون على حصر فضل الله وإحسانه في أقوام معينين، وليعتقدوا أن الفضل بيد الله، واعلم أن هذا القول ليس فيه إلا أنا أضمرنا فيه زيادة، فقلنا في قوله: { وَأَنَّ ظ±لْفَضْلَ بِيَدِ ظ±للَّهِ } تقدير وليعتقدوا أن الفضل بيد الله وأما القول الأول: فقد افتقرنا فيه إلى حذف شيء موجد، ومن المعلوم أن الإضمار أولى من الحذف، لأن الكلام إذا افتقر إلى الإضمار لم يوهم ظاهره باطلاً أصلاً، أماإذا افتقر إلى الحذف كان ظاهره موهماً للباطل، فعلمنا أن هذا القول أولى، والله أعلم.

الجوهرة الثامنة والخمسون بعد الاربعمائة


لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواْ آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَـظ°ئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ أُوْلَـظ°ئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }

قال السمين

والضميرُ في " منه " للَّهِ تعالى. وقيل: يعودُ على الإِيمان؛ لأنه رُوحٌ يَحْيا به المؤمنون في الدارَيْنِ.

الجوهرة التاسعة والخمسون بعد الاربعمائة

هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُواْ ياأُوْلِي الأَبْصَارِ }

قال الرازى

قوله تعالى: { فَأَتَـاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ } في الآية مسائل:

المسألة الأولى: في الآية وجهان الأول: أن يكون الضمير في قوله: { فَأَتَـظ°هُمُ } عائد إلى اليهود، أي فأتاهم عذاب الله وأخذهم من حيث لم يحتسبوا والثاني: أن يكون عائداً إلى المؤمنين أي فأتاهم نصر الله وتقويته من حيث لم يحتسبوا، ومعنى: لم يحتسبوا، أي لم يظنوا ولم يخطر ببالهم، وذلك بسبب أمرين أحدهما: قتل رئيسهم كعب بن الأشرف على يد أخيه غيلة، وذلك مما أضعف قوتهم، وفتت عضدهم، وقل من شوكتهم والثاني: بما قذف في قلوبهم من الرعب.

وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }

قال السمين

قوله: { حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ } فيه وجهان، أحدُهما: أنَّ الحاجةَ هنا على بابِها من الاحتياج، إلاَّ أنها واقعةٌ مَوْقعَ المحتاجِ إليه، والمعنَى: ولا يجدون طَلَبَ محتاجٍ إليه ممَّا أُوْتي المهاجرون من الفيء وغيِره، والمُحتاج إليه يُسَمَّى حاجةً تقول: خُذْ منه حاجتَك، وأعطاه مِنْ مالِه حاجتَه، قاله الزمشخري. فعلى هذا يكون الضميرُ الأول للجائين مِنْ بعدِ المهاجرين، وفي " أُوْتوا " للمهاجرين. والثاني: أنَّ الحاجةَ هنا مِنْ الحَسَدِ، قاله بعضُهم، والضميران على ما تقدَّم قبل. وقال أبو البقاء: مَسَّ حاجةٍ، أي: إنه حُذِف المضافُ للعلم به، وعلى هذا فالضميران للذين تبوَّؤوا الدارَ والإِيمان.




[list=posts]
[*]
اسامة محمد خيري;121369]الجوهرة الثانية والخمسون بعد الاربعمائة

وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ }

قال السمين

وفي الضمير في " أَلَتْناهم " وجهان، أظهرهما: أنَّه عائدٌ على المؤمنين. والثاني: أنَّه عائد على أبنائهم. قيل: ويُقَوِّيه قولُه: { كُلُّ امْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ }.

قلت
نعم اظهر الوجهين ان الضمير عائد علي المؤمنين والثاني بعيد وان كان قريبا من الضمير
لأن قاعدة رجوع الضمير الي اقرب مرجع أغلبيّ لا كليّ
والله اعلم

جواهر الضمائر فى كتاب الله  Clear رد مع اقتباس
[*]26-04-2018, 05:56 #9
جواهر الضمائر فى كتاب الله  Image
اسامة محمد خيري
جواهر الضمائر فى كتاب الله  User-offline طالب علم

تاريخ التسجيلDec 2008الدولةمصر.القاهرةالمشاركات12,144
الجوهرة الستون بعد الاربعمائة

وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }


قال الالوسي

{ فَنَفَخْنَا فِيهِ } النافخ رسوله تعالى وهو جبريل عليه السلام فالإسناد مجازي، وقيل: الكلام على حذف مضاف أي فنفخ رسولنا، وضمير { فِيهِ } للفرج، واشتهر أن جبريل عليه السلام نفخ في جيبها فوصل أثر ذلك إلى الفرج. وروي ذلك عن قتادة، وقال الفراء: ذكر المفسرون أن الفرج جيب درعها وهو محتمل لأن الفرج معناه في اللغة كل فرجة بين الشيئين، وموضع جيب درع المرأة مشقوق فهو فرج، وهذا أبلغ في الثناء عليها لأنها إذا منعت جيب درعها فهي للنفس أمنع، وفي «مجمع البيان» عن الفراء أن المراد منعت جيب درعها عن جبريل عليه السلام، وكان ذلك على ما قيل: قولها
{ إِنّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَـظ°نِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً }
[مريم: 18] وأفاد كلام البعض أن { أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } على ما نقل أولاً عن الفراء كناية عن العفة نحو قولهم: هو نقي الجيب طاهر الذيل. وجوز في ضمير { فِيهِ } رجوعه إلى الحمل، وهو عيسى عليه السلام المشعر به الكلام، وقرأ عبد الله ـ فيها ـ كما في الأنبياء [91] فالضمير لمريم.

الجوهرة الواحدة و الستون بعد الاربعمائة

وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَظ°هَا رُجُوماً لِّلشَّيَظ°طِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ }

قال السمين:

و " جَعَلْناها " يجوزُ في الضميرِ وجهان، أحدُهما: أنه عائدٌ على " مَصابيحَ " وهو الظاهر. قيل: وكيفيةُ الرَّجْم: أَنْ يُؤْخَذَ نارٌ من ضوءِ الكوكبِ، يُرْمى به الشيطانُ والكوكبُ في مكانِه لا يُرْجَمُ به. والثاني: أنَّ الضميرَ يعودُ على السماء والمعنى: منها، لأنَّ السماءَ ذاتَها ليست للرُّجوم، قاله الشيخ. وفيه نظرٌ لعدمِ ظهورِ عَوْدِ الضميرِ على السماءِ. والرُّجوم: جمعُ رَجْم وهو مصدرٌ في الأصل، أُطْلِقَ على المَرْجوم به كضَرْبِ الأميرِ، ويجوزُ أَنْ يكونَ باقياً على مصدريتِه، ويُقَدَّرُ مُضافٌ أي: ذاتُ رُجوم. وجَمْعُ المصدرِ باعتبارِ أنواعِه، فعلى الأولِ يتعلَّقُ قولُه: " للشياطين " بمحذوفٍ على أنه صفةٌ لـ رُجوماً، وعلى الثاني لا تعلُّقَ له لأنَّ اللامَ مزيدةٌ في المفعول به، وفيه دلالةٌ حينئذٍ على إعمالِ المصدرِ منوناً مجموعاً. ويجوزُ أَنْ يكونَ صفةً له أيضاً كالأولِ فيتعلَّقُ بمحذوفٍ. وقيل: الرُّجومُ هنا: الظنونُ والشياطينُ شياطينُ الإِنْسِ، كما قال:
4283ـ........................ وما هو عنها بالحديثِ المُرَجَّمِ

الجوهرة الثانية و الستون بعد الاربعمائة


إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ }

قال الالوسي

قوله تعالى: { إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ } أي للذي تختارونه وتشتهونه، يقال تخير الشيء واختاره أخذ خيره، وشاع في أخذ ما يريده مطلقاً مفعول
{ تَدْرُسُونَ }
[القلم: 37] إذ هو المدروس فهو واقع موقع المفرد وأصله أن لكم فيه ما تخيرون بفتح همزة (أن) وترك اللام في خبرها فلما جىء باللام كسرت الهمزة وعلق الفعل عن العمل ومن هنا قيل إنه لا بد من تضمين
{ تَدْرُسُونَ }
[القلم: 37] معنى العلم ليجري فيه العمل في الجمل والتعليق. وجوز أن يكون هذا حكاية للمدروس كما هو عليه فيكون بعينه لفظ الكتاب من غير تحويل من الفتح للكسر. وضمير { فِيهِ } على الأول للكتاب وأعيد للتأكيد وعلى هذا يعود لأمرهم أو للحكم فيكون محصل ما خط في الكتاب أن الحكم أو الأمر مفوض لهم فسقط قول صاحب «التقريب» أن لفظ { فِيهِ } لا يساعده للاستغناء بفيه أولاً من غير حاجة إلى جعل ضمير { فِيهِ } ليوم القيامة بقرينة المقام أو للمكان المدلول عليه بقوله تعالى
{ عِندَ رَبْهِمْ }
[القلم: 34] وعلى الاستئناف هو للحكم أيضاً وجوز الوقف على { تَدْرُسُونَ } على أن قوله تعالى: { إِنَّ لَكُمْ } الخ استئناف على معنى إن كان لكم كتاب فلكم فيه ما تتخيرون وهو كما ترى والظاهر ان
{ أَمْ لَكُمْ }
[القلم: 37] الخ مقابل لما قبله نظراً لحاصل المعنى إذ محصله أفسد عقلكم حتى حكمتكم بهذا أم جاءكم كتاب / فيه تخييركم وتفويض الأمر إليكم

الجوهرة الثالثة و الستون بعد الاربعمائة


سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ }


قال الالوسي

{ فِيهَا } أي في الأيام والليالي، وقيل في مهاب الريح وقيل في ديارهم والأول أظهر*

الجوهرة الرابعة و الستون بعد الاربعمائة

لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ }

قال الرازى

قوله تعالى: { لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً } الضمير في قوله: { لِنَجْعَلَهَا } إلى ماذا يرجع؟ فيه وجهان: الأول: قال الزجاج إنه عائد إلى الواقعة التي هي معلومة، وإن كانت ههنا غير مذكورة، والتقدير لنجعل نجاة المؤمنين وإغراق الكفرة عظة وعبرة الثاني: قال الفراء: لنجعل السفينة، وهذا ضعيف والأول هو الصواب، ويدل على صحته قوله: { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ واعِيَةٌ } فالضمير في قوله: { وَتَعِيَهَا } عائد إلى ما عاد إليه الضمير الأول، لكن الضمير في قوله: { وَتَعِيَهَا } لا يمكن عوده إلى السفينة فكذا الضمير الأول

الجوهرة الخامسة و الستون بعد الاربعمائة

وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَآئِهَآ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ }


قال الالوسي

عَلَىظ° أَرْجَائِهَا } أي جوانبها جمع رجى بالقصر وهو من ذوات الواو ولذا برزت في التثنية قال الشاعر:
كأن لم ترى قبلي أسيراً مقيداً ولا رجلاً يرمي به الرجوان
والضمير للسماء، ...

وفي «البحر» عن ابن جبير والضحاك أن ضمير { أَرْجَائِهَا } للأرض وإن بعد ذكرها قالا إنهم ينزلون إليها يحفظون أطرافها كما روى أن الله تعالى يأمر ملائكة السماء الدنيا فيقفون صفاً على حافات الأرض ثم ملائكة الثانية فيصفون حولهم ثم ملائكة كل سماء فكلما ند أحد من الجن والإنس وجد الأرض أحيط بها ولعل ما نقلناه عنهما أولى بالاعتماد.

{ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبّكَ فَوْقَهُمْ } أي فوق الملائكة الذين على الأرجاء المدلول عليهم بالملك، وقيل فوق العالم كلهم، وقيل الضمير يعود على الملائكة الحاملين أي يحمل عرش ربك فوق ظهورهم أو رؤسهم { يَوْمَئِذٍ ثَمَـظ°نِيَةٌ } والمرجع وإن تأخر لفظاً لكنه متقدم رتبة.

الجوهرة السادسة و الستون بعد الاربعمائة


يالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ }

قال الرازى

الضمير في { يا ليتها } إلى ماذا يعود؟ فيه وجهان الأول: إلى الموتة الأولى، وهي وإن لم تكن مذكورة إلا أنها لظهورها كانت كالمذكورة والقاضية القاطعة عن الحياة. وفيها إشارة إلى الإنتهاء والفراغ، قال تعالى:
{ فَإِذَا قُضِيَتِ }
[الجمعة: 10] ويقال: قضى على فلان، أي مات فالمعنى يا ليت الموتة التي متها كانت القاطعة لأمري، فلم أبعث بعدها، ولم ألق ما وصلت إليه، قال قتادة: تمنى الموت ولم يكن في الدنيا عنده شيء أكره من الموت، وشر من الموت ما يطلب له الموت، قال الشاعر:
وشر من الموت الذي إن لقيته تمنيت منه الموت والموت أعظم
والثاني: أنه عائد إلى الحالة التي شاهدها عند مطالعة الكتاب، والمعنى: يا ليت هذه الحالة كانت الموتة التي قضيت علي لأنه رأى تلك الحالة أبشع وأمر مما ذاقه من مرارة الموت وشدته فتمناه عندها

الجوهرة السابعة و الستون بعد الاربعمائة


وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الكَافِرِينَ }

قال الرازى

الضمير في قوله: { إِنَّهُ } إلى ماذا يعود؟ فيه وجهان: الأول: أنه عائد إلى القرآن، فكأنه قيل: وإن القرآن لحسرة على الكافرين. إما يوم القيامة إذا رأوا ثواب المصدقين به، أو في دار الدنيا إذا رأوا دولة المؤمنين والثاني: قال مقاتل: وإن تكذيبهم بالقرآن لحسرة عليهم، ودل عليه قوله:
{ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذّبِينَ }
[الحاقة: 49].

فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ }

قال الالوسي

{ فَمَا مِنكُم } أيها الناس { مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ } أي عن هذا الفعل وهو القتل { حَـظ°جِزِينَ } أي مانعين يعني فما يمنع أحد عن قتله واستظهر عود ضمير (عنه) لمن عاد عليه ضمير
{ تَقَوَّلَ }
[الحاقة: 44] والمعنى فما يحول أحد بيننا وبينه

الجوهرة الثامنة و الستون بعد الاربعمائة


يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } * { وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ } * { وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ } * { وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ }

قال القرطبي

قوله تعالى: { يُبَصَّرُونَهُمْ } أي يرونهم. وليس في القيامة مخلوق إلا وهو نصب عين صاحبه من الجن والإنس. فيبصر الرجل أباه وأخاه وقرابته وعشيرته ولا يسأله ولا يكلمه؛ لاشتغالهم بأنفسهم. وقال ابن عباس: يتعارفون ساعة ثم لا يتعارفون بعد تلك الساعة. وفي بعض الأخبار: أن أهل القيامة يفِرّون من المعارف مخافة المظالم. وقال ابن عباس أيضاً: { يُبَصَّرُونَهُمْ } يبصر بعضهم بعضاً فيتعارفون ثم يفرّ بعضهم من بعض. فالضمير في { يُبَصَّرُونَهُمْ } على هذا للكفار، والميم للأقرباء. وقال مجاهد: المعنى يبصّر الله المؤمنين الكفار في يوم القيامة؛ فالضمير في يبصرونهم للمؤمنين، والهاء والميم للكفار. ابن زيد: المعنى يبصر الله الكفار في النار الذين أضلّوهم في الدنيا؛ فالضمير في «يُبَصَّرُونَهُمْ» للتابعين، والهاء والميم للمتبوعين. وقيل: إنه يبصر المظلوم ظالمه والمقتول قاتله وقيل «يبصرونهم» يرجع إلى الملائكة؛ أي يعرفون أحوال الناس فيسوقون كلّ فريق إلى ما يليق بهم. وتم الكلام عند قوله: { يُبَصَّرُونَهُمْ }. ثم قال: { يَوَدُّ الْمُجْرِمُ*

الجوهرة التاسعة و الستون بعد الاربعمائة

وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ }

قال الالوسي

{ وَمَن فِى الأَرْضِ جَمِيعاً } من الثقلين الإنس والجن أو الخلائق الشاملة لهم ولغيرهم و(مَنْ) للتغليب { ثُمَّ يُنجِيهِ } عطف على
{ يَفْتَدِي }
[المعارج: 11] والضمير المرفوع للمصدر الذي في ضمن الفعل أي يود لو يفتدي ثم لو ينجيه الافتداء وجوز أبو حيان عود الضمير إلى المذكور والزمخشري عوده إلى { مَن فِي الأَرْضِ } و (ثم) لاستبعاد الإنجاء يعني يتمنى لو كان هؤلاء جميعاً تحت يده وبذلهم في فداء نفسه ثم ينجيه ذلك وهيهات

(وَقَدْ أَضَلُّواْ كَثِيراً وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً)

قال الرازى

واعلم أن نوحاً لما حكى عنهم أنهم قالوا لأتباعهم: { لاَ تَذَرُنَّ ءالِهَتَكُمْ } قال: { وَقَدْ أَضَلُّواْ كَثِيراً } فيه وجهان: الأول: أولئك الرؤساء قد أضلوا كثيراً قبل هؤلاء الموصين (بأن يتمسكوا) بعبادة الأصنام وليس هذا أول مرة اشتغلوا بالإضلال الثاني: يجوز أن يكون الضمير عائداً إلى الأصنام، كقوله:
{ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مّنَ النَّاسِ }
[إبراهيم: 36] وأجرى الأصنام على هذا القول مجرى الآدميين كقوله:
{ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ }
[الأعراف:195]،

الجوهرة السبعون بعد الاربعمائة

وَأَلَّوِ اسْتَقَامُواْ عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً } * { لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً }


قال الرازى

المسألة الثانية: الضمير في قوله: { اسْتَقَـامُواْ } إلى من يرجع؟ فيه قولان: قال بعضهم: إلى الجن الذين تقدم ذكرهم ووصفهم، أي هؤلاء القاسطون لو آمنا لفعلنا بهم كذا وكذا. وقال آخرون: بل المراد الإنس، واحتجوا عليه بوجهين الأول: أن الترغيب بالانتفاع بالماء الغدق إنما يليق بالإنس لا بالجن والثاني: أن هذه الآية إنما نزلت بعدما حبس الله المطر عن أهل مكة سنين، أقصى ما في الباب أنه لم يتقدم ذكر الإنس، ولكنه لما كان ذلك معلوماً جرى مجرى قوله:
{ إِنَّا أَنزَلْنَـاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ }
[القدر: 1] وقال القاضي: الأقرب أن الكل يدخلون فيه. وأقول: يمكن أن يحتج لصحة قول القاضي بأنه تعالى لما أثبت حكماً معللاً بعلة وهو الاستقامة، وجب أن يعم الحكم بعموم العلة.

المسألة الثالثة: الغدق بفتح الدال وكسرها: الماء الكثير، وقرىء بهما يقال: غدقت العين بالكسر فهي غدقة، وروضة مغدقة أي كثيرة الماء، ومطر مغدوق وغيداق وغيدق إذا كان كثير الماء، وفي المراد بالماء الغدق في هذه الآية ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الغيث والمطر، والثاني: وهو قول أبي مسلم: أنه إشارة إلى الجنة كما قال:
{ جَنَّـاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَـارُ }
[البقرة:25] وثالثها: أنه المنافع والخيرات جعل الماء كناية عنها، لأن الماء أصل الخيرات كلها في الدنيا.

المسألة الرابعة: إن قلنا: الضمير في قوله: { اسْتَقَـظ°مُواْ } راجع إلى الجن كان في الآية قولان: أحدهما: لو استقام الجن على الطريقة المثلى أي لو ثبت أبوهم الجان على ما كان عليه من عبادة الله ولم يستكبر عن السجود لآدم ولم يكفر وتبعه ولده على الإسلام لأنعمنا عليهم، ونظيره قوله تعالى:
{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَـظ°بِ ءامَنُواْ وَاتَّقَوْاْ }
[المائدة: 65] وقوله:
{ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِمْ مّن رَّبّهِمْ لأَكَلُواْ }
[المائدة: 66] وقوله:
{ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ }
[الطلاق: 2، 3] وقوله:
{ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ }
إلى قوله
{ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ }
[نوح: 12] وإنما ذكر الماء كناية عن طيب العيش وكثرة المنافع، فإن اللائق بالجن هو هذا الماء المشروب والثاني: أن يكون المعنى وأن لو استقام الجن الذين سمعوا القرآن على طريقتهم التي كانوا عليها قبل الاستماع ولم ينتقلوا عنها إلى الإسلام لوسعنا عليهم الرزق، ونظيره قوله تعالى:
{ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَـظ°نِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مّن فِضَّةٍ }

[الزخرف: 33] واختار الزجاج الوجه الأول قال: لأنه تعالى ذكر الطريقة معرفة بالألف واللام فتكون راجعة إلى الطريقة المعروفة المشهورة وهي طريقة الهدى والذاهبون إلى التأويل الثاني استدلوا عليه بقوله بعد هذه الآية { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } فهو كقوله:
{ إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً }
[آل عمران: 178] ويمكن الجواب عنه أن من آمن فأنعم الله عليه كان ذلك الإنعام أيضاً ابتلاء واختباراً حتى يظهر أنه هل يشتغل بالشكر أم لا، وهل ينفقه في طلب مراضي الله أو في مراضي الشهوة والشيطان، وأما الذين قالوا: الضمير عائد إلى الإنس، فالوجهان عائدان فيه بعينه وههنا يكون إجراء قوله: { لأَسْقَيْنَـاهُم مَّاء غَدَقاً } على ظاهره أولى لأن انتفاع الإنس بذلك أتم وأكمل.


[/list]
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى